سورة الأحزاب - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحزاب)


        


غير ناظرين أَناهُ: غير منتظرين نضجه، أنى الطعامُ يأني: نضج واستوى. طَعِمتم: أكلتم. فانتشروا: اذهبوا وتفرقوا. ولا مستأنسين لحديث: لا تمكثوا بعد الطعام تتحدثون. متاعا: أي شيء. من وراء حجاب: من وراء حاجز.
في هذه الآيات إرشادٌ وتعليم للناس كيف يدخلون بيوتَ النبي، وفي أي وقت. وقد كان بعض المنافقين يؤذون الرسولَ عليه الصلاة والسلام بالتردّد على بيوته. وكان بعَضُ أصحابه يطلبون الجلوس، فأرشدَ الله أصحابه إلى تعظيم الرسول، وعيّ الحالاتِ والأوقات التي يُسمح لهم بدخول بيوته، وأدّبهم خير تأديب.
روى الامام احمد والبخاري ومسلم وغيرهن عن أنس رضي الله عنه قال: «لما تزّوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينبَ بنتَ جحش دعا القومَ إلى طعام، فأكلوا ثم جلسوا يتحدّثون، واذا هو كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا. فلما رأى ذلك قامَ، فلما قام ذهب جماعةٌ وبقي ثلاثةُ نفر، فجاء النبي ليدخلَ فإذا القومُ جلوس. ثم إنهم قاموا، فانطلقتُ فأخبرتُه بذهابهم....».
{يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبي....} الآية.
يا ايها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا إذا أذن لكم، أو دعاكم إلى طعام، فاذا دعيتم إلى طعام فلا تأتوا مبكرين لتنتظروا نضجه، بل ادخلوا عندما يكون قد تم إعداده فقبلَ ذلك يكون أهل البيت في شغل عنكم.
فاذا دعيتم فلبوا الدعوة، واذا اكلتم الطعام فتفرقوا واخرجوا ولا تطيلوا الجلوس وتمكثوا تتحدثون. فان ذلك كان يؤذي النبي ويستحي منكم، والله لا يستحي من الحق. وقد سمى بعض المفسرين هذه الآية آية الثقلاء، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: «حسبك في الثقلاء ان الله عز وجل لم يحتملهم».
ثم علّمهم كيف يسألون نساء النبي وتيأدبون معهن فقال: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فاسألوهن مِن وَرَآءِ حِجَابٍ}.
وذلك اعظم طهارةً لقلوبكم وقولوبهن من وساوس الشيطان.
ولما ذكر الله تعالى بعض الآداب التي يجب ان يراعوها في بيت رسول الله اكده بما يحملهم على ملاطفته وحسن معاملته بقوله: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله}، ولا ان تتزوجوا نساءه من بعده ابدا، احتراما لهن لأنهنّ أمهات المؤمنين.
{إِنَّ ذلكم كَانَ عِندَ الله عَظِيماً} ولا يخفى ما ي هذا من الوعيد الشديد، وعظيم التهديد على هذا العمل.
والله يعلم ما تظهرونه وما تخفونه في صدوركم، لا تخفى عليه خافية.
ثم بين بعد ذلك الاقارب الذين يمكن ان يدخلو على نساء النبي ولا يحتجبن منه وهم: الآباء والابناء واخوانهن، وابناء اخوانهن، وابناء اخواتهم، والنساء المسلمات، وما ملكت ايمانهن من العبيد، وعليهن ان يتقين الله، ان الله كان على كل شيء شهيدا.


الصلاة من الله: الرحمة وذكره بالثناء على الملأ الاعلى، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الناس الدعاء له بالرحمة. والمعنى ان الله يرحم النبي، والملائكة يدعون له ويطلبون له المغفرة. يا ايها المؤمنون: ادعوا له بالرحمة، وأظهروا شرفه بكل ما تصل اليه قدرتكم.
ان الذين يؤذون الله ورسوله من المنافقين وشياطينهم اليهود، بتدبير المؤامرات والدس للتفرقة بين المؤمنين- لعنهم الله في الدنيا والآخرة، وطردهم من رحمته وأعدّ لهم عذابا كبير يهينهم يوم القيامة ويذل كبرياءهم.
والذين يؤذنو المؤمنين والمؤمنات بقولٍ أو فعل من غير ذنب فعلوه، فقد تحملوا وزر كذبهم عليهم، {فَقَدِ احتملوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} فلا يجوز ايذاء الناس بالغيبة، أو الافتراء عيلهم أو الكيد لهم وما إلى ذلك.
وفي الحديث: «سئل رسول الله عن الغِيبة فقال: ذِكرك أخاك بما يكره. قيل: ارأيت ان كان فيه ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وان لم يكن فيه منا تقول فقد بهتّه».


الجلباب: ثوب واسع اوسع من الخمار دون الرداء تغطي به المرأة رأسها وصدرها. وقيل هو الملحفة. يُدين: يُسدلِن. أدنى ان يُعرفن: اقرب ان يميَّزن من الإماء والفتيات. المرجفون: اليهود، كانوا يلفقون اخبار السوء وينشرونها. لنغرينك بهمك لنسلطنك عليهم. اينما ثقفوا: اينما وجدوا. خلَوا: مضوا.
لم يكن في منازل المدينة مراحيض، فكان النساء يخرجن ليلا لقضاء الحاجة في البساتين وبين النخيل، وكان الاماء والحرائر يخرجن في زِيّ واحد، وكان فسّاق المدينة من المنافقين وغيرهم يتعرضون للاماء، وربما تعرضوا للحرائر، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر نساءه وبناته ونساء المؤمنين عامة إذا خرجن لحاجتهن ان يتسترن بلبس الجلابيب ويسترن اجسامهما ما عدا الوجه والكفين. {ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ}.
فعلى المسلمة إذا خرجت من بيتها لحاجة أن تسدل عليها ملابسها ولا تبدي شيئاً من مواضع الفتنة. {وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} لما سلف في أيام الجاهلية.
ولما كان الذى يحصل من المنافقين وشياطينهم ومن على شاكلتهم حذرّهم الله بقوله: {لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المنافقون والذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ والمرجفون فِي المدينة لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً}.
توعّد الله في هذه الآية ثلاثة اصناف من الناس وهم: المنافقون الذين يؤذون الله ورسوله، ومن في قلوبهم مرض من فساق المدينة الذين يؤذون المؤمنين باتباع نسائهم، والمرجفون وهم اليهود الذين يؤذون النبي صلى الله عليه سولم بترويج الاشاعات الكاذبة والتشويش على المؤمنين. وانهم إذا لم ينتهوا سلّط عليهم الرسولَ واصحابه فيقاتلونهم ويخرجونهم من المدينة.
ثم بين ما آل إليه امرهم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة فقال: {مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثقفوا أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً}
مستحقين اللعنة والطرد اينما وجدوا أخُذوا وقتّلوا تقتيلا، عقوبةً لهم.
وهذه سنة الله في امثال هذه الفئات في كل زمان، لا تتغير ولا تتبدل، ولن تجد لسنة الله تبديلا.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6